كتب - أحمد الباجا
"إما أن تكون على متن الحافلة أو
خارجها" – كين كيسي
عام 1975 وقف الموظف "ستيفين
ساسون" أمام مجموعة من المدراء التنفيذيين لشركة كوداك - عملاق كاميرات
التصوير في ذلك الوقت - وبدأ في العرض التقديمي أمام الشركة بتقديم مقترح بتطوير الإنتاج
والتحول من الكاميرات التقليدية إلى الكاميرات الرقمية محاولاً التنبيه إلى الخطر
المحيط بالشركة لكون الكاميرات الرقمية هي المستقبل وأن الكاميرات الفيلمية أوشكت
على الإنقراض، إلا أن المديرين التنفيذيين لم يعيروا كلام "ساسون" أدنى
اهتمام اعتقاداً منهم أن شركة كوداك في مساحة الأمان و من الصعب على أي شركة
الاستحواذ على حصة سوقية من شركة كوداك التي تحمل قيمة سوقية بلغت نحو ال10 مليار
دولار في ذلك الوقت، بالإضافة إلى أنهم اعتبروا أن التوجه نحو الكاميرات الرقمية
سيؤثر على مبيعات الكاميرات التقليدية والتي تمثل أعلى نسبة مبيعات للشركة، وظل
هذا الاعتقاد سائداً حتى واجهت الشركة مصيرها سنة 2012 لحظة إعلان شركة كوداك
إفلاسها لعدم قدرة منتجاتها على منافسة الكاميرات الرقمية وانقراض الكاميرات
التقليدية بعد 37 سنة من إهدار فرصتها في التحول إلى الكاميرات الرقمية.
الدروس المستفادة من قصة كوداك بالغة الأهمية
في الجدل القائم داخل الوسط القانوني حول مستقبل المهن القانونية - ولا سيما المحامين
- وتأثير التقنية عليها..
هل نحن في خطر حقيقي؟ هل سنختفي؟ ما البديل؟
وكيف نستعد؟
أسئلة مشروعة يطرحها أي محامي طبيعي على نفسه
استعداداً لطوفان تقني أصبح قاب قوسين أو أدنى من أصحاب الروب الأسود، فمنهم من
يبني سفينته التي تنجيه من ذلك الطوفان ومنهم من يدفن رأسه في الرمل هرباً من ذلك
الواقع، ومنهم الكوداكيون ممن يظنون أنهم سيأووا إلى جبل يعصمهم من الطوفان أو
أنهم بالفعل أعلى من مستوى الطوفان التقني وأنه لا يمكن استبدالهم بأي تقنية.
مهنة المحاماة قديمة قدم التاريخ امتهنتها
طائفة من الكهنة عند قدماء المصريين ومع الفتح الإسلامي كان المحامي يسمى "حجاج"
أي قوي الحجة، وفي عام 1884 ظهرت أول لائحة لمهنة الوكلاء وكان يشترط في الوكيل أن
يكون حسن السمعة وفصيح اللسان وعلى قدر من العلم والثقافة حتى يكون له الحق في
الترافع أمام المحاكم الأهلية والمختلطة، وفي عام 1912 تأسست نقابة المحامين
بشكلها المستمر حتى يومنا هذا وكان يشترط للانضمام لنقابة المحامين أن يتخرج
المحامي من مدرسة الحقوق وأن يجيد أكثر من لغة وأن يكون على علم بالعديد من
المعارف والعلوم، ومرت المحاماة خلال هذه الفترة بالعديد من التحديات والمخاطر
ولكن لم يسبق لها أن مرت بخطر وجودي كالذي تمر به في هذه الأيام.
مهنة المحاماة أكثر المهن حرية وبالتالي فإن
مقدار الخطر يتفاوت بين محام وآخر كل على قدر اجتهاده في مواكبة التقنيات الحديثة
وربطها بالقانون، كما أن مهنة المحاماة تتمتع بحساسية خاصة مما يرفع بالتبعية حجم
المخاوف من الوسائل التقنية للمحامي ويجعل مواكبته للتكنولوجيا لا تسير بالمعدل
المطلوب ولا حتى بمعدل قريب منه ولكن من باب الإنصاف فإن الجيل الجديد من المحامين
وقلة من السابقين على هذا الجيل كسروا ذلك الجمود وتغلبوا – ولو نسبياً - على تلك
المخاوف بقرار جاد منهم أن يكونوا على متن الحافلة والدليل على ذلك هو قيام حضراتكم
بقراءة هذه المقدمة،
أين نحن الآن؟
الإجابة على هذا السؤال بالغة التعقيد، إذ
أننا إذا كنا لحظة كتابة المقال في حقبة تقنية فربما نكون قد انتقلنا بعد الانتهاء
منه إلى حقبة تقنية جديدة وهكذا تجري الأمور بمعدل متسارع لا نكاد نرصده من فرط
سرعته ومن الصعب أيضاً التنبؤ بمستقبله، وبالتالي فإننا في هذه السلسلة لن نتناول
فقط التكنولوجيا القانونية بمفهومها الضيق المتعلق برقمنة وأتمتة الأعمال
القانونية ولكن سنتطرق بحكم الأمر الواقع بقدر الإمكان إلى القواسم المشتركة بين
القانون وكافة صور التقنية وإليكم بعض الموضوعات التي سنعرج بها في رحلتنا..
التكنولوجيا القانونية Legal tech.
التكنولوجيا التنظيمية
Regulation tech.
قوانين التقنية tech. laws
علوم الحاسوب computer science
أنظمة التشغيل
operating systems
الذكاء الاصطناعي AI
تعليم الآلة machine learning
انترنت الأشياء IOT
سلاسل الكتل block chains
العملات الرقمية crypto currencies
العقود الذكية smart contracts
الأصول الرقمية NFTs
الواقع
الافتراضي virtual reality
الواقع المعزز augmented reality
علوم البيانات data science
البيانات الضخمة big data
الحوسبة السحابية cloud computing
الأمن السيبراني cyber security
الإنترنت المظلم dark web
تكنولوجيا الرعاية الصحية healthcare tech.
التكنولوجيا المالية
fin. Tech.
ريادة الأعمال والشركات الناشئة
entrepreneurship & startup
إذاً.. لنحزم أمتعتنا وننطلق في رحلة نتحسس فيها سبل النجاة.